في خيامٍ ممزقةٍ لا تحمي من البرد ولا تقي من الشمس، يعيش آلاف الفلسطينيين ممن اضطرتهم الظروف إلى اعتبار تلك الخيام هي مساكنهم الدائمة، ليس فقط نتيجة الهجوم الصهيوني الوحشي على قطاع غزة في ديسمبر ويناير الماضيين، ولكن أيضًا بسبب تخاذل الحكومات العربية والنظام الإقليمي العربي بمؤسساته، وعلى رأسها جامعة الدول العربية، عن نجدة سكان غزة المحاصرين، وإيصال مليارات إعادة الإعمار إليهم.
<table id=table353 style="BORDER-COLLAPSE: collapse" cellPadding=0 width="100%" bgColor=#e5f1ff border=0><tr><td vAlign=top width=7 background=images/sections_13.gif></TD>
<td width="100%" bgColor=#e5f1ff><table id=table354 style="BORDER-COLLAPSE: collapse" cellPadding=0 width="100%" border=0><tr><td vAlign=top width="100%">
function fnSave(x) {
document.execCommand("SaveAs",null,x);
}
<table id=table426 cellSpacing=0 cellPadding=0 width="100%" border=0><tr><td>[url=https://alrahma.ahlamountada.com/javascript:void fnSave('غزة تأكل أوراق الشجر وأطنان الغذاء تتلف في رفح!')]
في خيامٍ ممزقةٍ لا تحمي من البرد ولا تقي من الشمس، يعيش آلاف الفلسطينيين ممن اضطرتهم الظروف إلى اعتبار تلك الخيام هي مساكنهم الدائمة، ليس فقط نتيجة الهجوم الصهيوني الوحشي على قطاع غزة في ديسمبر ويناير الماضيين، ولكن أيضًا بسبب تخاذل الحكومات العربية والنظام الإقليمي العربي بمؤسساته، وعلى رأسها جامعة الدول العربية، عن نجدة سكان غزة المحاصرين، وإيصال مليارات إعادة الإعمار إليهم.
وقد أدَّى العدوان الصهيوني الهمجي على قطاع غزة خلال الفترة ما بين 27 ديسمبر 2008م إلى 18 يناير 2009م إلى تدمير 4 آلاف منزلٍ تدميرًا كليًّا، و16 ألفًا تدميرًا جزئيًّا، ما أدَّى إلى تشريد نحو 5 آلاف أسرة بالقطاع.
والمدهش في الأمر أنَّ المماحكات السياسية بين بعض الأنظمة السياسية العربية التي توصف بـ"المعتدلة"- من وجهة نظر الغرب والكيان الصهيوني بطبيعة الحال- وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)؛ أدَّت إلى مساهمة عربية رسمية في الحصار الصهيوني المفروض على قطاع غزة، وفيه مليون ونصف المليون من البشر، فلم تصل أموال إعادة الإعمار التي أوصى بها مؤتمر شرم الشيخ لتمويل إعادة إعمار قطاع غزة، الذي عُقد في أعقاب انتهاء العدوان الصهيوني؛ وذلك بسبب الخلاف حول الجهة المنوط بها استلام الأموال الذاهبة إلى فقراء فلسطين ومشرَّديها، بالإضافة إلى استمرار الحكومة المصرية في إغلاق معبر رفح.
هذا رغم أنَّ هناك قرارًا صادرًا عن جامعة الدول العربية في سبتمبر من العام 2007م يقضي برفع الحصار المفروض على قطاع غزة، ولم يتمَّ تنفيذه، بالرغم من إلزاميته للدول الأعضاء، التي اكتفت بلعب دور المتفرج أو المتواطئ على ما يجري في غزة.
والأرقام الواردة في هذا الإطار مخيفة، وتطرح العديد من التساؤلات حول الواقع الراهن الذي يحياه النظام الرسمي العربي، فحاجات الإعمار في قطاع غزة لا تزيد عن رقم يتراوح بين مليار ونصف المليار دولار إلى ثلاثة مليارات دولار، بينما دفعت الاستثمارات العربية خسائر قُدِّرت ما بين 800 مليار إلى تريليون دولار كانت موجودةً في البنوك الأمريكية والغربية؛ نتيجة الأزمة المالية العالمية التي تفجرت من الولايات المتحدة في سبتمبر الماضي.
في المقابل دفعت البنوك الخليجية مئات المليارات للدول الغربية وبنوكها لإنقاذها من الإفلاس في الأزمة المالية الأخيرة، كما "تطوعت" بعض الشركات والحكومات الخليجية إلى شراء صفقات سلاح وطائرات ليست بحاجة إليها لإنقاذ الشركات العاملة في صناعات السلاح والطيران في أوروبا وأمريكا الشمالية من الإفلاس، وكانت صفقة شركة طيران الإمارات مع إيرباص الأوروبية وصفقة حكومة أبو ظبي مع شركات السلاح الأمريكية لتوريد طائراتٍ مقاتلةٍ في الشتاء والربيع الماضيين هما النموذجين البارزَين على ذلك.
إلا أنه رغم كل ذلك فإن الفلسطينيين يحدوهم الأمل بنهايةٍ قريبةٍ للحصار الذي يفرضه الكيان حتى يتمكَّنوا من إعادة بناء منازلهم.
وفي هذا التحقيق يرصد (إخوان أون لاين) أحوال الفلسطينيين المقيمين بالخيام في هذا الصيف الحار، بسبب الحصار، وبسبب تأخر أموال إعادة الإعمار العربية.
مأساة يومية
<table style="WIDTH: 283px; BORDER-COLLAPSE: collapse; HEIGHT: 240px" borderColor=#e5f1ff width=283 align=left bgColor=#e5f1ff border=1><tr><td width="100%"></TD></TR>
<tr><td width="100%"> أبو جلهوم يتحايل على المعايش ببضاعته القليلة
</TD></TR></TR></TABLE>
المسن علي أبو جلهوم (البالغ من العمر 77 عامًا) هو واحد ممن يعيشون داخل هذه المخيمات التي تفتقر إلى أدنى متطلبات الحياة بعد أن دمَّرت قوات الاحتلال منزله، ولم يكترث أبو جلهوم كغيره من المشرَّدين لحالة الطقس الحارة؛ حيث لم يعد بمقدورهم الهرب من لهيب الصيف سوى بالاستظلال تحت خيامهم المتواضعة في مخيم العزة لإيواء مشرَّدي العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة.
وتفتقر خيمة أبو جلهوم المصنوعة من القماش الأبيض البالي إلى أدنى وسائل الراحة ومقومات الحياة، ورغم ذلك تأقلم مع جيرانه، وبجوار خيمته زرع الرياحين والنعناع ليعيد الحياة إلى أرض المخيم الزراعية التي أحالتها الجرافات الصهيونية إلى صحراء قاحلة.
ويشهد مخيم العزة في منطقة التوأم شمال غرب مدينة غزة هجرة قسرية لسكانه؛ بسبب موجة الحر الشديد التي هبطت على خيامه البيضاء، بالإضافة إلى هجران مؤسسات الإغاثة التي كانت تخفِّف من معاناة 1500 مشرَّد يعيشون في 65 خيمة.
ولم يبقَ في المخيم سوى ثلاث عائلات من بينهم أسرة أبو جلهوم، التي عجزت عن توفير مسكنٍ لها، فيما رحلت بقية العائلات المشرَّدة للعيش في شققٍ سكنيةٍ جديدةٍ، أو لدى أقربائهم.
ويبدِّد أبو جلهوم وحشته ببيع بعض السكاكر والحلويات وأدوات التنظيف قبالة خيمته لسكان البيوت التي نجت من القصف والتدمير الصهيوني.
</TD></TR></TABLE>ودفعت أزمة الشقق السكنية أبو جلهوم لعيش حياة البرية بين أروقة المخيم قبل ثلاثة أشهر، فلا يوجد عيادة صحية تعتني بصحتهم، ودورات المياه حدِّث ولا حرج، والمساعدات الإنسانية شحيحة للغاية؛ نتيجة الحصار ومنع الحكومات العربية دخول المساعدات المتواترة إلى غزة.
<table style="WIDTH: 283px; BORDER-COLLAPSE: collapse; HEIGHT: 240px" borderColor=#e5f1ff width=283 align=left bgColor=#e5f1ff border=1><tr><td width="100%"></TD></TR>
<tr><td width="100%">آلاف الأطنان تتلف على معبر رفح بسبب منع السلطات المصرية إدخالها
</TD></TR></TR></TABLE>ويصف أبو جلهوم وجبة الغداء التي تقدِّمها المؤسسة بالسيئة، ولا تكفي لطفل صغير، بينما تتلف آلاف الأطنان من الأغذية في مخازن معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة.
وتتفاقم معاناة أبو جلهوم يومًا بعد يوم من جرَّاء الحرب الغاشمة والحصار الظالم، اللذَين حرماه من العيش تحت سقفٍ واحدٍ مع أولاده الأربعة وزوجته، وجعلت حياته جحيمًا لا يطاق، ويقول بعيون يملؤها الألم: "نعيش مأساة حقيقية.. نفترش الأرض ونلتحف السماء"، متسائلاً إلى متى ستبقى هذه الحال؟.
ودفع غلاء الإسمنت أصحاب البيوت المدمرة إلى ابتداع وسائل بدائية للتغلب على معاناتهم، فبنَوا بيوتًا من الطين الأحمر يستر عائلاتهم، فيما فضل الآخرون المكوث في مخيمات الإيواء.
وبينما كان يتحدث أبو جلهوم عن معاناته جلست مجموعة الصبية بجواره وقد غزت عيونهم علامات البؤس والحرمان.
يقول رمضان الأقرع (14 عامًا): "سمعنا وعودًا كثيرةً من جمعيات الإغاثة، لمتابعة أوضاعنا التي لا تسرُّ عدوًّا، وللأسف لم يتحقق منها شيء نتيجة الحصار الغاشم علينا".
يقاطعه زميله خضر ذي البشرة السمراء الداكنة، وتعلو شفتيه ابتسامة ساخرة، متسائلاً عن عدم استلامهم كرفانًا مزوَّدًا بالكهرباء، حتى يلعبوا ألعابًا مسليةً على الحاسوب، تُنسيهم آلامهم ومحنتهم.
ودفع الجوع الشديد الطفل محمد للركض بين أروقة الخيام الناصعة البياض؛ بحثًا عن أعوادٍ جافةٍ، لإنضاج بعض أكواز الذرة غير مكترث بسخونة الحرارة التي ألهبت قدميه الحافيتين.
لهفته الشديدة لأكل الذرة المسلوقة لم تجعل قدميه تصمدان كثيرًا تحت الرمال الساخنة، بجوار الموقد، فأطلق ساقيه للريح ليُغرق رأسه وجسده بالمياه للتخفيف من حدَّة الشمس.
خضر لم يتحدث لصغر سنِّه، لكنَّ وجهه الطفولي وعيونه البريئة أبرقت رسالةً قصيرةً لكل من يشاركون في الحصار بأنْ يرحموا حالهم.
ولا يزال نحو 5 آلاف أسرة بقطاع غزة مشتتة بعد أن فقدت مساكنها عقب الحرب التي شنَّها الاحتلال على غزة أواخر العام الماضي، ويحتاج قطاع غزة إلى نحو 20 ألف وحدة سكنية لإيواء مشرَّدي الحرب، إضافةً إلى المباني والمؤسسات الحكومية والأهلية التي دمّرت.
مخيمات الإيواء لا تزال عامرةً بسكانها الذين ينتظرون من ينجدهم من لهيب الشمس، ويعيد آمالهم بإعمار بيوتهم المدمرة، وعيونهم لا تزال معلقةً بالمعبر المصري عند رفح والحلم يداعبهم بيوم تنشط فيه رئتهم الوحيدة التي تعتصرها قبضة النظام المصري وتمنع عنها حتى الهواء!.
شاهد الفيلم التسجيلي: معونات.. في انتظار الفرج
</TD></TR>
<tr><td>