تقوى الله هي الأساس المتين الذي يقوم عليه بناء الأسرة المسلمة القدوة، ويخطئ مَن يظن أن السعادة الزوجية تتحقق من خلال الماديات؛ كوفرةِ المال والسكن الجميل والأثاث الفاخر والمركب المريح والملابس المتنوعة والأدوات الحديثة في البيت، والترف، وإشباع الشهوات إلى غير ذلك من متاع الدنيا، ولسنا مغالين إذا قلنا: إن الكثير من الشباب والفتيات يُسيطر عليهم هذا التصور الخاطئ لحقيقة السعادة الزوجية.
كانت هذه كلمات يرددها الوالد- عليه رحمة الله- بل كان يردِّد دائمًا: "الزواج شركة؛ ولكن اعلمي أن كل شركة لا بدَّ لها من مدير، فمدير هذه الشركة هو الرجل"، فتربينا على احترام وتقدير مدير هذه الشركة، وحرصت عبر السنوات الماضية على تأهيل مَنْ أعرفه من فتياتٍ تأهيلاً يساعدها على إنجاح هذه الشركة (بيت الزوجية)، وكتبت ستين وصية عام 1995م للزوجة الأخت الداعية، وقدمتها لزوج ابنتي، وقلت له: لقد أعددت ابنتي عليها فماذا أعددت لنفسك؟ استلِم هذه الوصايا، واكتب لي ما يقابل كل وصية للزوجة وصية للزوج.
فإذا به بعد أيام قليلة يقدِّم لي هذه الوصايا للزوج الأخ الداعية، والتي سوف أعرضها عليكم، ولقد سعدت بها كثيرًا، واعتبرتها أغلى من المهر كتبها المهندس عصام حسن جودة زوج ابنتي، وإنني أرى أن كثيرًا من الشباب يُقبل على الزواج دون الإعداد أو التأهيل لهذه المرحلة، ولقد ظهر لي هذا عبر السنوات الأخيرة خاصة؛ حيث إنني منذ فترة أستقبل استشارات حول الحياة الزوجية، فلاحظتُ خلال السنوات الأخيرة تكرار عدم فهم الزوج الشاب لدوره كزوج، فالكل يتحدث مع الفتيات ويُقدِّم لهن دورات وكتيبات؛ ولكن أين شبابنا من دورات تأهيل وإعداد زوج وأب داعية؟ أسأل اللهَ تعالى أن يعين كل أب وزوج على نشر هذه الوصايا وفعلها.
قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "خيركم خيره لأهله وأنا خيركم لأهلي"، وقال- صلى الله عليه وسلم-: "إن من أكمل المؤمنين أحسنهم خلقًا وألطفهم بأهله".
أخي المسلم:
هذه بعض الوصايا التي نسأل الله أن تكون عونًا على تحقيق الأمر الإلهي: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ...﴾ (النساء: من الآية19). تقوى الله عامةً، وفي معاملة الأهل خاصة.
1- تذكر دائمًا أن ذلك وسيلة تتقرب بها إلى الله.
2- التعاون مع الزوجة في طاعة الله.
3- التحلي بصفات الرجولة الحقة من: صدقٍ وأمانة، وشرف وشجاعة، وحزم وعدل، وعطف وتسامح، ونبل وتواضع، وحسن قيادة وتحمل للمسئولية.
4- فهم القوامة بمفهومها الصحيح؛ من حسن قيادة وتحمل للمسئولية، ورعاية وعطف، لا تسلط وقهر.
5- تذكر أن واجب كل طرف نحو العلاقة الزوجية ليس 50% فقط؛ بل 100%.
6- حفظ سر الزوجة.
7- الغيرة المحمودة دون سوء ظن أو تتبع للعثرات.
8- اجعل جزءًا من وقتك للجلوس مع الزوجة للتسامر والتحدث والتسلية والمزاح والمداعبة، مهما كانت مشغوليتك.
9- المناداة عليها بأحب الأسماء إليها، ومخاطبتها بلطف وعذوبة.
10- إبداء الإعجاب بها، وامتداح جمالها وهندامها وطعامها دائمًا، وفي كل مناسبة.
11- عامل زوجتك كما كنت تعاملها أيام الخِطْبة أو في فترة العقد.
12- اتصل بها من العمل وقل لها شيئًا مفرحًا أو كلمة مفرحة أو حتى شعورًا مفرحًا، ويكون ذلك ضروريًّا عندما تنوي التأخر قليلاً.
13- عندما تصل إلى المنزل ابحث عنها أولاً، وقدِّم أي شيء معنوي أو مادي يعكس فرحتك بلقائها، ثم اسألها باهتمام حقيقي كيف كان يومها.
14- لا تهمل اللفتات البسيطة خاصةً في المناسبات.
15- تعامل دائمًا بالرفق واللين ودع العنف، واجعل طلباتك في صورة مقترحات لا في صورة أوامر.
16- التزم حدود اللياقة مع الزوجة قبل الغرباء، وعدم اعتبار أن الخروج عن اللياقة نوع من التبسط، فإن ذلك يؤدي إلى تراكم المشاعر السيئة.
17- ناقش زوجتك في طموحاتك ومشروعاتك، وقم باستشارتها، وأخذ رأيها وتعامل معها كشريكة حياة.
18- تعلم الإنصات لها وتوجيه الأسئلة التي تعكس الاهتمام، عندما تتحدث إليها ضع عينيك في عينيها، ولا تنشغل بشيء آخر كقراءة الصحيفة مثلاً.
19- أشعرها بالثقة التامة فيها، وأنها موضع سرك.
20- مارس التفكير الثنائي، فكر بنفسك كجزء مكون من اثنين (أنت وهي)، فكر دومًا بلغة "نحن" قبل "أنا" و"هي".
21- اهتم بمشاعرها وحياتها الخاصة وهواياتها، أشعرها أنها في بؤرة اهتمامك لا في الهامش.
22- الثناء والتقدير المخلص على كل ما تقدمه لك، مهما كان صغيرًا أو كنت معتادًا عليه.
23- لا تهمل اصطحابها في نزهة أو رحلة؛ وليكن ذلك أحيانًا بدون الأطفال.
24- قدِّم اعتذارك إذا أيقنت بخطئك.. وليكن الاعتذار بروح متفهمة، وليس على مضض.
25- تزيَّّن لزوجتك كما تتزين لك.
26- قف بجوارها بعطفٍ وحنانٍ في أزماتها الصحية.
27- لا تنسَ ما تطلب منك إحضاره من الخارج مهما كان صغيرًا.
28- عندما تتروى أو تنفرد بنفسك للتفكير في أمر يشغلك طمئنها أنها ليست السبب.. وأكِّد لها أنك ستعود لها.
29- عندما تعود من عزلتك، اذكر لها ما كان يضايقك، وكيف توصلت إلى الحل؟!.
30- عندما تسافر، اترك لها عنوانك ورقم تليفونك لتشعر بالاطمئنان.
31- الاتصال الدائم بها في حالة الغياب (في سفر أو ما شابه) سواء بالتليفون أو أي وسيلة أخرى.
32- البشاشة المغمورة بالحب والمشاعر الفياضة عند لقائها بعد غياب.
33- الابتسام وعدم التجهم وإظهار الود والمحبة وإشاعة جو المرح والبهجة في البيت.
34- السلاسة في الحوار والنقاش وعدم الجدال والتسليم بالرأي الصواب؛ حتى لو كان مخالفًا لرأيك.
35- أعطِ لها وقتًا كافيًا عند الترتيب للخروج أو السفر؛ بدلاً من أن تطاردها بالوقت.
36- لا تتجاهل ما قد يبدو عليها من مشاعر الألم والضيق؛ بل سارع بمعرفة أسبابه ومحاولة علاجه بصدق وحب.
37- مراعاة حالتها النفسية والصحية أثناء فترة الحيض وفترة الحمل وبعد الولادة، ومعاملتها في تلك الأوقات برقةٍ وحنانٍ وصبر.
38- تصرف بكياسةٍ ولباقةٍ في المواقف التي تجمع بين زوجتك وأمك؛ حتى تكون مساعدًا على تقاربهما، وليس العكس.
39- اظهر اهتمامك بزوجتك أكثر من أي شخصٍ آخر في أي تجمع.
40- أظهر مشاعرك الإيجابية نحوها أمام الغير.
41- لا تنقدها- خاصةً أمام الغير- بل استخدم التلميح لتوصيل ما تريد.
42- لا تنقد طريقتها في الطهي وتقارنها بطريقة غيرها.
43- احترم الحموَيْن وأنزلهما منزلة الأبوين؛ فهما أنجبا لك أغلى إنسانة في حياتك.
44- الاهتمام بأهلها وصديقاتها وإكرامهم.
45- ادرس ما يعترضكما من مشاكل بعقل وحكمة وحزم ورويَّة.
49- اجتهد دائمًا أن يكون حل مشاكلكما داخليًّا.. وإذا اضطررتما لاستشارة أحد ففي أضيق الحدود، وحاول ألا يدخل بينكما إلا المودة والرحمة.
50- عدم إدخال أحد الأبوين (من الطرفين) في المشاكل الزوجية فهم منحازون بالغريزة إلى الابن والابنة.
51- تجنب الاندفاع والغضب لأبسط الأمور، واجعل انفعالك بالموقف مناسبًا لحجمه.. وأن يكون انفعالاً بناءً وليس العكس.
52- صارح زوجتك بما تختزنه من مشاعر عدم رضاك تجاه أي جانبٍ من الجوانب فيها (على أن يكون ذلك بأسلوبٍ لبقٍ لا يجرح مشاعرها)، وستجد أن هذا يكون الحل الأمثل لكثير من المشاكل. (وسترى كم تحرص زوجتك على رضاك).
53- إذا قدمت لك زوجتك نصائح دون أن تطلبها لا تغضب فهذه طريقتها في إظهار شعورها بأنها تحبك أو تخاف عليك.
54- احترم ترتيبات زوجتك للمنزل، ونسق متطلباتك تبعًا لذلك، (مثلاً عدم استقبال ضيوف بالمنزل أثناء عملية تنظيفه وترتيبه).
55- احرص على مساعدتها في واجباتها إن سمح وقتك لذلك.
56- علِّم أبناءك احترام أمهم باحترامك وتقديرك لها.
57- شارك في تربية أبنائك مشاركةً فعليةً وبنَّاءة، ونسق ذلك مع زوجتك.
58- شارك أبناءك في لهوهم متى سمح وقتك لذلك.
59- استمع إلى مشاكلهم بصبرٍ ومساعدتهم على حلها.
60- شجِّع أبناءك على تنمية ملكاتهم وقدراتهم.
61- تعرف على أصدقائهم ورحِّب بهم في بيتك.
62- تدبر عقاب ابنك ومثوبته بحكمة ورويَّة.
63- تحدَّث مع ابنك في تلطف؛ ولكن بحجة مقنعة.
64- حاول تدريب أبنائك على تحمل المسئولية بالمنزل من مصاريف وخلافه.
65- أشْرِك أبناءك في مناقشة مشكلات الأسرة (حسب المرحلة السنية لكل منهم).
66- الحرص على أن يكون تعامل أفراد الأسرة فيما بينهم بتعاليم الإسلام؛ بحيث يسود جو المودة والرحمة والأدب الرفيع.. والعمل على إزكاء الحب بينهم.
67- ادفع بها وشجعها على الالتزام بواجباتها الدعوية، وتعاون معها على الارتقاء الدعوي.
وأخيرًا.. لا تعتمد على الجهد البشري كليًّا، ولا تنسَ أننا نحتاج دائمًا للدعاء.