حصاد حرب الفرقان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أؤكّـد لكم بعد تواصل شخصيّ مع المقاومة في غزّة على مستوى رفيع ، ما يلي:
أنَّ
ثمة أثـراً عظيماً جداً لهذه التظاهرات التي عمّت العالم الإسلامي ، وغيره
، على معنويات عموم الحالة المقاوِمة ، والصامدة في غزة ، وأنها ترفع من
معنوياتهم جداً ، بل هي من أعظم الدوافع بعد الله تعالى على الصمود ، كما أنَّ للإتصال الخارجي بالعائلات أثـراً عظيما ، وفعالاً أيضـا.
ولهذا
فإنَّ استمرار التظاهرات ، ودعمها بوسائل الضغط الأخرى في غاية الأهميَّة
، وهو ليس أمراً ثانويـّا ،بل من الأمور المهمّة ، وذات الأولويّة.
ثانياً : وكذلك لمواقف العلماء ، والدعاة ، والهيئات ، والجمعيات التي تواصل الدعم.
ثالثاً : أنَّ الجهود الإغاثية ضرورة ملحّة ، وكذلك كلّ الوسائل التي يمكن به كسر الحصار ، فالواجب تكثيف هذه الجهود .
رابعاً :
أنّ المجاهدين في كتائب القسام ، وغيرها من فصائل الجهاد المبارك ،
يستبسلون في المعارك ، ويضربون أروع الأمثلة في الشجاعة ، والإقدام ،
والفداء ، وهم في ثبات عظيم ، وقد ربط الله على أفئدتهـم ، ويحققون مكاسب
عظيمة جداً للجهاد الفلسطيني ، وكلّها موثقة ، وستُطلع عليها الأمة
لتستفيد منها ، إذ كانت هذه المعركة ، من معارك الأمة العظيمة ، وليست
معركة حماس لوحدها ، ولا غـزة لوحدها ، ولا فلسطين لوحدها .
وأنَّ
كتائب القسام المباركة ، وغيرها من فصائل الجهـاد، لم يفقـدوا إلاَّ
اليسير من الشهداء بحمد الله تعالى ، فغالب قوتهم العسكرية سليمة بفضل
الله وحده.
خامسـاً :
أنَّ الصهاينة قد فشلوا حتى الآن في تحقيق أهدافهم ، فقد كان مخططهم
الأساس أنْ يتمَّ القضاء على كلِّ حكومة حماس في الضربة الأولى ، حيث كانت
تقديراتهم حضور الحكومة حفل تخريج الشرطة ، بناء على تطمين النظام المصري
ـ الذي أُخبـر أنَّ القضاء على حماس لن يستغرق أكثر من ثلاثة أيام ! ـ
أنَّ الصهاينة لن يقوموا بأي عمل عسكري لمدة يومين على الأقل ، غير أنَّ
الله تعالى لطف ، ولم تحضر القيادة ، وحضر عنها قائد الشرطة ، الذي استشهد
في أول قصف مكثف ، مع عدد كبير من أفراد الشرطة .
وقد
كانت حماس قد أعدت خطّة عسكرية محكمة للدفاع عن غزة منذ مدّة طويلة ، فكان
هذا القصف انطلاق لتنفيذ هذه الخطة ، ومع الحفاظ على سلامة القيادة ،
فالخطَّة تجري بأعلى مستوياتها ، وبكفاءة عاليّة ، بحمد لله تعالى .
إنتهى ما أردت نقله لكـم ، ولكلّ متابع ، لمجريات حرب الفرقان في غـزة .
ولا
ريب أنَّ الصهاينة قد فشلوا فشلاً ذريعا ، مع دخول الأسبوع الثالث للقتال
، وقـد انقلبت خطّتهم وبالاً عليهم ، ولهذا يبحثون عن مخرج سياسي ، يحقـّق
لهم شيئا من الإنتصار ، لئلا تعود صورة تجربتهم المريرة ، والفاشلة ، في
لبنان إلى الأذهان.
ولهذا
جاءت هذه المبادرة التي تسمَّى المبادرة المصرية ، وهي في الحقيقة مبادرة
ص، وعباس يروَّج لها ويريد ربطها بقرار مجلس الأمن ، لأنَّه هو أيضا يبحث
عما يتعـلَّق به ، ليخرج من الوحل السياسي الذي غرق فيه أذنيه ، بعد أنْ
كان غارقا فيه إلى ترقوته .
وهدف
هذه المبادرة هو صياغة معادلة النصر والهزيمة ، وإحداث واقع سياسي جديد في
غزة ، قبل انتقال الإدارة الأمريكية إلى العصابة الجديدة .
بحيث
تخرج حماس مهزومة فتفقد كلّ هذه المكاسب التي رفعت أسهمها ـ خلافاً لكلّ
ما خطط له الصهاينة ـ بسبب هذه الحرب الصهيونية على غزة ،وقبلها في الحصار.
ولا
ننسى أنَّ هدف كسر المقاومة ، وإخضاع الجهاد الفلسطيني ، أو أيّ جهاد
إسلامي آخــر ، سواء بالمكر السياسي ، أو بالقتل والتدمير ، لم يزل الهدف
الإستراتيجي الأوّل لدى الصهاينة ، وساسة الغرب الصليبي الداعم لهم ، سواء
في فلسطين ، وأيِّ مكان في العالم الإسلامي.
ولم
يكن حصار غزّة ، إلاَّ بهدف إسقاط كلِّ من يحمل روح الجهاد ، والتمسّك
بحقوق الأمّة في فلسطين ، فلمَّا فشل الحصار ، بل جاء بضدّ مقصوده ، قرر
الصهاينة تشغيل آلة الإبادة ، التي سترتد عليهم بإذن الله تعالى .
وفيما يلي حصاد حرب الفرقان حتى الآن :
1ـ
كسب الجهاد الفلسطيني رضا الله تعالى ـ نحسبهم كذلك ـ بموقف الثبات ،
والصمود ، الذي ضرب أروع المثل للعالم الإسلامي ، والعالم بأسْـره ، ولو
لم يكن لهـم إلاَّ هذا المكسب العظيم لكفاهـم ، ولاننسى أن في مثل هذه
المواجهات بين قوّة مقاومة محدودة ، وجيش مدجّج بكلّ أنواع السلاح ،
وأخطره ، يكون نصر المقاومة في بقاءها فحسـب ، ولهذا فهي منتصـرة نصرا
عظيما بحمد لله تعالى .
2ـ كسب الجهاد الفلسطيني خبرة عظيمة في القتال ، بسبب هذه الحرب التي دخل فيه ثلث الجيش الصهيوني غزة ، ولايزال خاسئا فاشلا.
3ـ
أثبت للعالم أنّ فئةً قليلةً متوكلةً على الله تعالى ، متسلحةً بعقيدة
الإيمان ، تغلب فئة كثيرة بإذن الله تعالى ، فتأمَّلوا كيف أنَّ الجيش
الصهيوني اكتسح سيناء التي تكبر غزة بـ 170 مرة ، في عدة ساعات هازما كلَّ
الجيوش العربية عام 1967م ، بينما لايزال عاجزاً ، يتراجع أمام هجمات
المجاهدين في غـزة .
4ـ كسب دعم وتعاطف الأمَّة ، وكذلك غير المسلمين ،وقد رأينا كيف أنّ العالم بأسره يهتف لغـزَّة .
5 ـ
كسب خبرة سياسية ، وفائدة عظيمة ، بإنكشاف المؤامرات ، وتباين المواقف من
صمود أهل غزة ، وهذا يشمل حتّى وسائل الإعلام التي أظهر البعض منها من
فضائح العمالة ما أزكـم الأنـوف.
6ـ وضع الإسلام حضارةً يعيش العالم بأسره صراعها ، ويتنفَّس قضاياها شاء أم أبى .
وحصـل للصهاينة ما يلي :
1ـ
خسروُا كلَّ ما بنوْه من مكر سياسي للتقارب مع شعوب المنطقة ، فصار دمار
غزّة ، يبني مشاريع الثأر ، والإنتقام ، من الصهاينة في كلِّ العالم
الإسلامي ، وأصبحت مشاريع الخداع التي يطلق عليها زوراً : التطبيع ،
والحوار ، والإعتدال ..إلخ ، كلها هراء في هـراء.
2ـ
خسروُا الصورة التي كانوا يظهرونها بأنهّـم دولة متحضرة ديمقراطية ، وسط
شعب بربري متوحش ، فانعكست الصورة تماما ، وانكشفت حقيقة أمرهم للعالم أجمع
3ـ فشلوا في تحقيق كلّ أهدافهم حتى الآن ، لهذا صاروا يتخبَّطون في تحديد الأهداف .
4ـ فرَّغوا ما أسموه بالإرهاب الإسلامي من معنـاه ، وأصبحت هذه الكلمة لاتشير إلاَّ إليهم في ضمائر الناس ، وعقولهم.
5 ـ
فضحوا أولياءهـم ممن يطلقون على أنفسهم محور الإعتلال ( الإعتدال) ، وحدث
بسبب ذلك تمايزٌ عظيم ، عادةً ما يحصل في المواجهات العظيمة بين الحق
والباطل ، وهذا يستفيد منه أهل الإسلام فائدة عظيـمة ، ولهذا نوه الله
تعالى به كثيرا كقوله تعالى : ( ليميز الخبيث من الطيب ) ، ونظائرها في
التنزيل العزيز.
وختاما فإنَّ أهـم ما ينبغي استثماره في هذه المعركة ما يلي :
1ـ
أن يقوم العلماء بتكريس أنها معركة في حرب طويلة ضد الإسلام ، وأنَّ
الأمَّة كلَّها معنية بخوضها إلى النهاية ، وبدراستها ، والإستفادة منها ،
حتى تكون هذه المعركة ، وقودا يدفع كلّ المواجهات القادمة نحـو النصر
الأكبـر بإذن الله تعالى .
2ـ أن
يُبنى على هذه الأحداث في غزة ، مشاريع فكرية ، وثقافية ، تعيد الأمور إلى
نصابها في منظومة المفاهيم الإسلامية التي تعرضت إلى هزَّة عنيفة منذ
إنطلاق ما يسمى بالحرب الدولية على الإرهاب ، ويشمل ذلك إسقاط كلِّ
المؤسسات التي بناها العدو الصليبيّ والصهيوني في بلادنا لتشويه مفاهيم
الجهاد ، والولاء الإسلامي ، وحقوق الأمة ، وأعظمها حقها في الجهاد ضد
العدو المغتصـب .
3ـ
أن يجدَّد الدعم اللاّمحدود لكل المشاريع الجهادية في العالم الإسلامي ،
وحمايتها من المكر عليها ، فإنها شوكة الإسلام في حلوق أعداءه ، ويشمل
الدعم إبقاء إرشادها حتى لاتنحـرف عن مسارها الشرعي إلى مشاريع تخبط ،
وتخريب.
هذا
ونسأل الله تعالى أن يثبِّت إخواننا المجاهدين في الأرض المباركة ، وأن
يربط على قلوبهـم ، وأن ينصرهم على عدوّ الله ، وعدوّ الإسلام ، وعدوّهم ،
وأن يجعل عاقبة هذه المعركة ، معركة الفرقان ، خيراً على الإسلام وأهله ،
وأن يردّ كيد الصهاينة إلى نحورهم ، ويخزيهم خزيا عظيما ، في الدنيا
والآخـرة ، ومعهم أولياؤهم من صهاينة الغرب ، ومنافقو العرب ، حكّاما ،
ومحكومين آمين