مع " رحلــة للسعادة "

هذه
تعليقات موجزة على برنامج الأستاذ عمرو خالد الذي يُعرض في رمضان هذا
العام 1431 هـ ، عسى يمتنع من يريد الخير لنفسه من متابعته ، أما من أتبع
نفسه هواها فلا سبيل إليه .

وكي أكون مُنصفا إلى درجة تكاد تُذم ، سأذكر ما يمكن تسميته فائدة من كل حلقة :
[1] أخبروني إن كانت هذه الفوائد غير موجودة في أي مكان إلا في برامج عمرو خالد .
[2] وهل نرضى أن نسمع لمن يقع في مثل كل هذه الأخطاء ، مع أنه يظهر في
الدعوة عبر الفضائيات منذ أكثر من عشر سنوات ، ويمكنه تعيين معد للمادة
الشرعية لبرامجه . فكيف نثق فيه ونسلمه ديننا الذي هو أغلى ما نملك ؟!

الحلقة [8] عن بذل الخير لكل الناس .
◄ تفسير حديث " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما
يحب لنفسه " بأن الأخ ليس ( الأخ المسلم ) ، بل كل الإنسانية ، فهو تفسير
خاطئ مخالف لقوله تعالى " إنما المؤمنون إخوة " ، وقوله صلى الله عليه
وسلم : " وكونوا عباد الله إخواناً " ، ولا بأس أن يحب المسلم الخير لكل
الناس ، لكن ليتنا نترك التفاسير الخاطئة لنصوص الشرع .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - : " الكافر ليس أخاً للمسلم ،
والله سبحانه يقول : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) الحجرات/10 ،
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( المسلم أخو المسلم ) . فليس الكافر -
يهوديّاً ، أو نصرانيّاً ، أو وثنيّاً ، أو مجوسيّاً ، أو شيوعيّاً ، أو
غيرهم - أخاً للمسلم ، ولا يجوز اتخاذه صاحباً ، وصديقاً " ا.هـ "فتاوى
الشيخ ابن باز" (6/392 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - : عن وصف الكافر بأنه " أخ " ؟
فأجاب : " لا يحل للمسلم أن يصف الكافر- أيا كان نوع كفره ، سواء كان
نصرانيّاً ، أم يهوديّاً ، أم مجوسيّاً ، أم ملحداً - : لا يجوز له أن
يصفه بالأخ أبداً ، فاحذر يا أخي مثل هذا التعبير ؛ فإنه لا أخوَّة بين
المسلمين وبين الكفار أبداً ، الأخوة هي الأخوة الإيمانية ، كما قال الله
عز وجل : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) . ا.هـ "مجموع فتاوى الشيخ
ابن عثيمين" (3/43) .
◄ قصة زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم وزوجها أبي العاص التي أخذت شطر الحلقة ، هي للأسف قصة لا تثبت .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد 9/216 : رواه الطبراني وإسناده منقطع .

الحلقة [9] حسن الظن بالله ، مفتاح للسعادة ، وعبادة .
◄ذكر حديثا أن ابا الدرداء دعا عند خروجه بدعاء
علمه له النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاء رجل إلى أبي الدرداء رضي الله
عنه قال : يا أبا الدرداء احترق بيتك ، فقال : ما احترق بيتي ...الخ . وهو
ضعيف جدا !

الحلقة [10] لا تغضب
◄ قال قصة أنها وقعت يوم خيبر لصحابي قال اسمه (
عبسي بن جبير ) ، وأنه وجد شحمة فأراد أكلها وحده ، فرآن النبي صلى الله
عليه وسلم فتبسم له تبسم المغضب ، فذهب ونادى رافعا صوته يسمع النبي صلى
الله عليه وسلم : يا معشر المسلمين معي شحمة فمن يريد ؟
قلتُ : لم أجد صحابيا بهذا الاسم ، ولا قصة كهذه في خيبر . وفي خيبر قصة شحم أخرى ، وهي لا تصح .

الحلقة [11]
موضوع الحلقة : الاختلاف . وخمس قواعد للاختلاف الرحيم :
1- اعلم أن الاختلاف ميزة .
2- زِن الناس بحسناتهم وسيئاتهم .
3- ابحث عن المنطقة المشتركة مع من تختلف معه .
4- لا تحطم الآخرين لتظهر أنت .
5- اختلف برحمة ، لا تُهن ، أو تعتدي .

الاختلاف في الأمور الدنيوية ، كما أشار له هو من اختلاف الطبائع ، ما نحب
من الطعام والركوب واللباس وغيره ، فهذا ميزة ، وهو يُمكن تطبيق كلامه
عليه ، يعني تطبيق هذه القواعد .
أما الاختلاف في الدين فليس ميزة ألبتة ، ولا يمكن أن تُطبق عليه هذه
القواعد ، ذلك أن الأستاذ " عمرو خالد " يجعل الخلاف في الدين – أي خلاف –
ينبغي أن تُطبق فيه هذه القواعد الخمس ، وهذا باطل ظاهر ، وحاول الاستدلال
له بأدلة - جعل منها الخلاف بين الإيمان والكفر كذلك ! - يأتي بيان غلطه
فيها إن شاء الله .
إن اختلاف الناس فيما بينهم في العقيدة والمنهج سنَّة كونية ، وقد أخبر
الله تعالى عن وقوعها في خلقه ، وأخبر عن قدرته بتوحيدهم جميعاً على دين
واحدٍ ، لكنَّ الله تعالى له حكمة بالغة في عدم فعل ذلك ؛ ليثيب الطائعين
الموحدين ، ويعاقب العاصين والمشركين ، ولو جعل الله تعالى الناس أمة
واحدة لم يظهر فضل التوحيد والموحدين ، ولم يظهر قبح المعصية والعاصين ،
ولله تعالى أسماء وصفات اقتضت حكمته في الاختلاف أن تظهر في خلقه .قال
الله تعالى : ( وَلَوْ
شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ
مُخْتَلِفِينَ . إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ
وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ
وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) هود/18،119.
وليس معنى أن الله تعالى خلقنا وسن فينا في قدره الكوني الاختلاف ، أن
نرضى بهذا الخلاف في الدين ، أو الافتراق ، لأن الله سن في قدره الشرعي أن
نقاوم هذا الاختلاف ونمنعه " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا "
، أي الخلاف غير السائغ أو المقبول ، وهو الخلاف في العقيدة ، وكذا الخلاف
في الأصول وفي المسائل التي استقر الحكم فيها ، بخلاف الفروع التي لا مفر
من الخلاف فيها ، فيتسع الأمر لها إن شاء الله ، ونتعامل بضوابط الخلاف
وآدابه ، والتي منها ما ذكره الأخ عمرو خالد .
سئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله-
عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة
ما هي المسائل التي يجوز الاختلاف فيها ؟ وتلك التي ينبغي التّوقُّفُ عن الخلاف فيها ؟ وما واجب المسلمين تُجاه دينهم ؟ .
فأجاب :
الاختلاف على قسمين :
القسم الأول : الاختلاف في مسائل العقيدة ، وهذا لا يجوز ؛ لأنّ
الواجب على المسلمين اعتقاد ما دلَّ عليه الكتاب والسُّنَّة ، وعدم
التّدخُّل في ذلك بعقولهم واجتهاداتهم ؛ لأنّ العقيدة توقيفيّة ، ولا مجال
للاجتهاد والاختلاف فيها .
القسم الثاني : اختلاف في المسائل الفقهيَّة المستنبطة من النُّصوص
، وهذا لابدّ منه ؛ لأنّ مدارك الناس تختلف ، ولكن يجب الأخذ بما ترجّح
بالدّليل من أقوالهم ، وهذا هو سبيل الخروج من هذا الخلاف .
ويجب على المسلم أن يهتمَّ بأمور دينه ، ويحافظ على أداء ما أوجب الله
عليه ، ويترك ما حرَّمَ الله عليه ، وأن يتحلَّى بالأخلاق الفاضلة مع
إخوانه ، وأن يصدُقَ في معاملته ، ويحفظ أمانته ، ويكون قدوةً صالحةً
لغيره .
ويجب أن يتربَّوا على التّمسّك بالدّين والأخلاق الفاضلة ، وأن يبتعدوا عن
الأخلاق الرّذيلة وقرناء السُّوء ، وأن يهتمُّوا بما ينفعهم في دينهم
ودُنياه ، وأن يكونوا قوَّة للإسلام والمسلمين . " المنتقى من فتاوى
الفوزان " (1/407-408، السؤال رقم241) .

وأبدأ التعليق على ما استدل به على فكرته الخاطئة :
◄ قصة الرجلين الذين تيمما وصليا ،ثم وجدا الماء
في الوقت، فأما أحدهما فلم يعد الصلاة ، وأما الآخر فتوضا وأعاد ،فقدما
على النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبراه الخبر فقال للذي لم يعد :أصبت
السنة ،وقال للذي أعاد :لك الأجر مرتين .
أولا : هذا الاختلاف بينهما إنما ساغ وقُبل
لعدم وجود علم عندهما بأمر سول الله صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الحال
، وكانا بعيدين عنه وقتَها فلا سبيل لسؤاله .
ثانيا : علق عمرو وقال ( الاتنين صح ) وهذا غلط ، فالنبي قال لواحد منهما ( أصبتَ السنة ) ، ومعناه أن الآخر لم يُصبها ، فليس الاثنان صح !
ثالثا : بعد هذا التعقيب من النبي صلى الله
عليه وسلم على فعلهما ، علمنا أن الذي يجد الماء بعد أن صلى صلاته متيمما
، ولما يدخل وقت الصلاة التي تليها ، ليس عليه أن يعيد ، ومن فعل خلاف هذا
فقد أخطأ السنة ، وإنما أحد الرجلين قال له النبي صلى الله عليه وسلم (
أخذتَ الأجر مرتين ) مع أنه أخطأ السنة ولم يصبها ، لأنه لم يكن يعلمها
فاجتهد ، واجتهاده مقبول قبل حكم النبي صلى الله عليه وسلم .
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع :
فإن قال قائل : أريد الأجر مرتين !
قلنا : إذا علمت السنة ليس لك الأجر مرتين ، بل تكون مبتدعا ، والذي أعاد
لم يعلم بالسنة ، فهو مجتهد ؛ فصار له أجر العملين الأول والثاني . ا.هـ

◄ذكر " عمرو خالد " قصة أنقلها كما قالها أولا ، ثم أعلق عليها ، قال :
النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة ، قريش التي قهرتنا وعملت فينا
عشرين سنة وقتلت الصحابة وغيره ، انتصرنا عليها ، فيجيء العباس عم النبي
صلى الله عليه وسلم ويقول له : يا رسول الله : أعطني مفتاح الكعبة آخذه من
قريش ، من بني شيبة ، خليه معايا أنا ! ليكون معنا ، نحن المسلمين نأخذ كل
شيء وهم الذي عادونا ، نأخذ منهم مفتاح الكعبة ، قال : لا يا عباس ،
المفتاح معهم ، ليه ؟ أنا مش جاي أحطم الآخرين ، أنا مش جاي ألغي الآخرين
، في ناس تقولك : من ليس معي فهو ضدي ، وفي أسوأ من كده : من ليس معي فهو
ضد الله ( ويقطب وجهه ) ، يعني يستخدم الدين في عداوته مع الآخرين لينتصر
على الآخرين ، ومن ليس معي فهو ضد الله ، إوعى تعيش بالفكرة دي ... انتهى
كلامه .
وعلى كلامه جملة ملاحظات ، أذكرها بإيجاز :
1- القصة أصلا في ثبوتها نظر .
2- طلب المفتاح علي أو العباس ، ولم يقل ما
زعمه عمرو ، إنما جاء في الرواية أنه قال : اجمع لنا الحجابة مع السقاية !
فتلك الزيادات في الكلام من عمرو ليست حقيقية .
3- كيف يقول نأخذه من قريش ، والعباس وعلي قرشيان ؟!
4- لماذا يستعمل كلمة ( الآخرين ) بدلا من ( المشركين ) ؟!
5- حطم النبي صلى الله عليه وسلم أصنامهم التي
كانت حول بيت الله ؟! فكيف ( أنا مش جاي أحطم الآخرين ) ، إذا كان حطم
معتقدهم وآلهتهم أما أعينهم ؟! لابد إذن أن قاعدة ( عدم تحطيم الآخرين )
لا تنطبق على هذا الموقف .
6- عثمان بن طلحة الذي أعطاه النبي صلى الله
عليه وسلم المفتاح لم يكن من ( الآخرين ) ، بل كان من المسلمين ، قال ابن
حجر في "الإصابة" : أسلم عثمان بن طلحة في هدنة الحديبية وهاجر مع خالد بن
الوليد وشهد الفتح مع النبي صلى الله عليه و سلم فأعطاه مفتاح الكعبة ا.هـ

7- وكيف يُعقل ترك مفتاح الكعبة مع مشرك ، والله تعالى يقول : " إنما المشركون نجس " ؟! هذا خلط عظيم ، وتلبيس عجيب !
8- في سياق هذه القصة ، أليس من ليس مع النبي
فهو ضد الله ؟! بالطبع نعم ، فما مناسبة تعليقه بعد القصة مباشرة الذي
قاله أصلا ، إلا إن كان يرى من يكفر بالله ويعادي النبي صلى الله عليه
وسلم ليس ضد الله !
9- يقول " إوعى تعيش بالفكرة دي " وأقول : بل
سنحيا بها كل حياتنا ، ما دام الاختلاف في دين الله ، فمن كفر بالله ، أو
حرف دينه ، هو عدو لله . وطبعا لسنا نتكلم عن الخلاف في الطباع والميول ،
أو الخلافات الفقهية في الفروع . لكن من يرى سياق الكلام بعد قصة النبي
صلى الله عليه وسلم وتصرفه مع الكفار ، مع إضافات عمرو إلى القصة ، طبيعي
أن يُنكر هذا الكلام في هذا السياق .

◄ذكر قصة أن عمر لما فتح بيت المُقدس دُعي
للصلاة في الكنيسة ، فأبى خشية أن يتخذها المسلمون مسجدا بحجة أنه صلى
فيها .. ويعلق عليها بقوله على لسان عمر : ( أنا مش عايز ألغي الآخرين ) !
لكن الحقيقة أن عمر بن الخطاب ألغي ( الكافرين ) ، وفرض الجزية عليهم ، وجعلهم تحت سلطان الإسلام ، ومما جاء في الوثيقة العمرية المشهورة :
1- أن لا يحدثوا في مدينتهم ولا حولها ديرا ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة راهب ولا يجددوا ما خرب
2- ولا يمنعوا كنائسهم أن ينزلها أحد من المسلمين ثلاث ليال يطعمونهم
3- وأن يوقروا المسلمين وأن يقوموا لهم إذا أرادوا الجلوس ولا يتشبهوا بالمسلمين بشيء من لباسهم
4- ولا يتسموا بأسماء المسلمين ولا يكتنوا بكناهم
5- ولا يركبوا سرجا ولا يتقلدوا سيفا ولا يتخذوا شيئا من سلاح
6- ولا يضربوا بالناقوس إلا ضربا خفيفا
وغير ذلك ، فهل تتفق هذه الشروط مع ما يقول الأستاذ " عمرو خالد " ؟!
بالطبع لا ..
لماذا ؟!
لأنه يخلط خلطا عظيما ، حتى يريد التهوين من الخلاف بين الإيمان والكفر !
ولو أنه طبق القواعد الخمسة التي يقولها في الحلقة على أماكن تطبيقاتها الصيحة ، لاستقام القول .

◄ذكر قصة سهيل بن عمر ، قال الأستاذ عمرو :
سهيل بن عمرو كان خطيب ، فكان يعطي خطبا يؤذي فيها المسلمين لأنه خطيب
باهر ، فيشتم المسلمين ويتكلم على النبي صلى الله عليه وسلم ، إلى أن اُسر
في بدر ، فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله دعني أنزع ثنية – أخلع له سنانه
- سهيل بن عمرو ، حتى إذا خطب ضحك الناس ، فقال النبي : لا يا عمر ، لا
إوعى تهين يا عمر ، نختلف بس إوعى تهين ، لعله يقف موقفا تحمده عليه ،
وتلف الأيام ويسلم سهيل بن عمرو ، ويموت البني ويرتد العرب ، ويقف سهيل بن
عمرو خطيبا فيقول : يا أهل مكة كنتم أول من أسلم فلا تكونوا أول من ارتد
فتضحك عليكم العرب ، دخل لهم بمنطق ذكاء ... انتهى المراد من كلامه .
وهذا من أفسد ما قيل وأسوأه ، وبيان ذلك :
1- القصة لا تثبت أصلا ، قال ابن كثير في البداية والنهاية : هذا حديث مرسل بل معضل .
2- ما أبرد التعبير عن الخلاف بين الإيمان
والكفر ! فالرجل يؤذي المسلمين ويقع في رسول الله ، ولا تهينوه ؟! هذا
كلام من لا يدري قول الله تعالى : " إِنَّ
الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي
الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا .
وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا
اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا " وقوله تعالى : " إِنَّمَا
جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي
الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ
أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ
ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ
عَظِيمٌ " .
3- وندب النبي صلى الله عليه وسلم من يقتل كعب بن الأشرف ( البخاري ) ،
وسب امرأة النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم ن فقتلها
صاحبها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أشهدكم أن دمها هدر ! ( أبو
داوود وهو صحيح ) .
ففرق يا هداكَ الله بين الخلاف المقبول ، وغير المقبول ، فضلا عن الخلاف بين الإيمان والكفر ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .

◄قال هداه الله : لكن الحق ، أنا بدافع عن الحق
، فشتمته وأهنته عشان بدافع عن الحق ، النبي معملش كده ، الإمام مالك يقول
.... ، ونقل كلاما للإمام مالك .
والذي يتابع فكرَ عمرو خالد ويهتم بمطالعته ودراسته ، يعرف أنه بحاول بهذا
الكلام ، وبنقل كلام مالك الذي اختصرناه بالنقاط ، أن يعرض بأحد الدعاة ،
الذي غضب مرة على إحدى القنوات الفضائية ، ووصف عمرو خالد بالفاشل ، مقابل
وصف عمرو خالد للنبي صلى الله عليه وسلم أنه فشل ، فغضب الرجل حبا للنبي
صلى الله عليه وسلم ، وغضبا من استكبار عمرو عن الاعتذار عن هذه السقطة ،
وقال للأستاذ عمرو : أنت اللي فاشل وأفشل أهل الأرض !
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه غضب لله في مواضع كثيرة ، فربما
سب من يحتاج إلى شدة لينزجر ، أو اشتد في القول ، أو دعا عليه ، أو لعنه .
فماذا يُقال الآن ؟!
إن الغضب لله أمر محمود مطلقا ، لكن استعمال الشدة والزجر أو الصبر والرفق
في مقام ذاك الغضب يحتاج إلى حكمة للتمييز بين أيهما أولى بالتقديم في ذاك
المقام ، كما قال المتنبي :

ووضعُ الندى في موضع السيفِ بالعلا ** مضرٌّ كوضع السيفِ في موضع الندى

فلو
أن رجلا تعرض للنبي صلى الله عليه وسلم ، وما رجع عن تعرضه بشيء ، وأبي
واستكبر أن يسمع للناصحين ، أليس نغضب منه ، كما نغضب لرسول الله صلى الله
عليه وسلم إذا وقع فيه الأعداء كالدنمارك وغيرها ؟!

◄ هل يطبق عمرو خالد هذه القواعد الخمس ؟!
في الحلقة الأولى على قناة " أزهري " من برنامج " وتلك الأيام " الذي
يقدمه الإعلامي " محمود سعد " ، كان الضيف هو " د.عمرو خالد " ، وجرى
الحديث في موضوعات عدة ، كان منها رأي " عمرو خالد " في دعاة السنة
والقنوات السلفية .
هذه القنوات تدعو إلى الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة ، وبغض النظر عن مدى
انحراف " عمرو خالد " عن هذا المنهج الأسمى ( الكتاب والسنة بفهم سلف
الأمة ) ، يمكن أن نقول إنهم ناس يختلف معهم عمرو خالد . نتذكر معا القواعد الخمس التي ذكرها عمرو خالد في هذه الحلقة :
1- اعلم أن الاختلاف ميزة .
2- زِن الناس بحسناتهم وسيئاتهم .
3- ابحث عن المنطقة المشتركة مع من تختلف معه .
4- لا تحطم الآخرين لتظهر أنت .
5- اختلف برحمة ، لا تُهن ، أو تعتدي .
كأن " عمرو خالد " فرح بهذه الفرصة التي أتيحت له في البرنامج ، فبادر بوصف تيك القنوات بأنها " فوضى " !
1- لم يذكر تصريحا ولا تلميحا أن هذا الاختلاف معهم ميزة ، بل أخذ يعيبه طول كلامه .
2- لم يذكر لهذه القنوات ( الرحمة والحكمة
والناس وصفا والمجد ودليل وغيرها ) حسنة واحدة ، مع أنهم تكلموا في قضايا
وموضوعات خدمتها هذه القنوات وقامت فيها بدور كبير !
3- لم يذكر عمرو خالد شيئا واحدا يشترك فيه مع هذه القنوات ، أو خيرا يعجبه فيهم ، إنما لم يتوقف عن العيب فيهم على طول الحديث .
4- ويكفي أن تكون أول كلمة يقولها عنهم : رأيي
أنها فوضى ! ولم يبدأ مثلا بشكر مجهوداتهم ونحوه ، ثم يذكر اختلافه معهم
في بعض النقاط ، لا ، إنما هجم ( محطما ) بوصفها بالفوضوية !
5- فوق كل ما سبق ، لم ينس بعد الوصف بالفوضوية
، أن يصفها بأحادية التفكير والتشدد والتشنج ، وأن الذين فيها شتامون ،
وأنهم يقولون أن من ليس معهم فليذهب إلى الجحيم ، وهو ضد الله ! وغير هذا
من التهم المعلبة التي ألصقها بهم .
فهل راعى " الدكتور عمرو خالد " وهو يختلف مع هؤلاء الدعاة ، دعاة السنة ، أن يختلف برحمة ؟!

◄ هل " الدكتور عمرو " سعيد ؟!
قد يبدو السؤال صادما ، لا سيما أن البرنامج الذي يقدمه حاليا هو برنامج يعلم كيفية تحقيق السعادة ، أو هو " رحلة للسعادة " !
لكن " عمرو خالد " كرر مرارا وشدد جدا في هذه الحلقة على أن من لا يتبع
هذه القواعد في الاختلاف تعيس ، وسيظل تعيسا تعيسا تعيسا ، لأنه لا يعرف
كيف يختلف برحمة . وقد ضربتُ المثل بمرة واحدة تكلم فيها الدكتور عمرو عن
ناس يختلف معهم ، فظهر بوضوح أنه يفتقر إلى تطبيق أي قاعدة من هذه القواعد
ليختلف مع الناس برحمة ، وبالتالي ..... !